مناقبها :
وروي عن سلمان قال : أتى جبريل عليه السلام نبي الله صلى الله عليه وسلم وعنده أم سلمة . فجعل يتحدث ثم قام . فقال نبي الله لأم سلمة : من هذا ؟ أو كما قال . قالت : هذا دحية الكلبي . قالت : والله ما حسبته إلا إياه . حتى سمعت خطبة النبي صلى الله عليه وسلم يخبر خبرنا ( 1 )
قال صاحب التاج الجامع للأصول : فأم سلمة رأت جبريل يتحدث مع النبي صلى اللة عليه وسلم . فلما سألها من هذا . ما فهمت إلا أنه دحية الكلبي . لأنه كان يأتي في صورته أحيانا ” . ففيه فضل أم سلمة لرؤيتها لجبريل ولحضوره في مجلسها ( 2 ) .
وروي عن إياس عن أم الحسين . أنها كانت عند أم سلمة . فأتي مساكين فجعلوا يلحون وفيهم نساء . فقلت : أخرجوا أو أخرجن . فقالت أم سلمة : ما بهذا أمرنا يا جارية . ردي كل واحد وواحدة ولو بتمرة تضعيها في يدها ( 3 ) .
وروى الإمام أحمد عن عطاء بن رباح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في بيت أم سلمة فأتته فاطمة . فقال أدعي زوجك وابنيك . فجاء علي والحسن والحسين . فدخلوا عليه فجلسوا على دثار . وكان تحته كساء له خيبري . قالت أم سلمة وأنا أصلى في الحجرة . فأنزل الله عز وجل ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) ( 4 ) فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم فضل . الكساء فغشاهم به . ثم أخرج يده فألوى بها إلى السماء . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( اللهم هؤلاء أهل بيتي
( 1 ) رواه مسلم ( التاج الجامع 383 / 3 ) .
( 2 ) التاج 383 / 3 . ( 3 ) ابن عبد البر ( الإستيعاب 455 / 4 ) .
( 4 ) سورة الأحزاب آية 33 ( * ) .
==================================
وخاصتي . فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ” ) قالت أم سلمة : فأدخلت رأسي البيت فقلت : وأنا معكم يا رسول الله ؟ قال لا ( إنك إلى خير إنك إلى خير ) ( 1 ) .
من معالم الإرشاد : مما روته أم سلمة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . يتبين أن أم سلمة كانت حجة بذاتها . نظرا ” لما شاهدته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وما أخبرها به . فلقد شاء الله تعالى أن تنزل آية التطهير في بيت أم سلمة . وأن تشهد أم سلمة أصحاب هذه الآية . وشاء الله تعالى أن ينزل جبريل وغيره من الملائكة عليهم السلام في بيتها . ويخبروا النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقتل الحسين بن علي بن أبي طالب . وهو واحد من أهل الكساء الذين نزلت في حقهم آية التطهير .
ولقد روي عن أم سلمة : أحاديث تبين ما يستقبل الناس من الفتن . وكانت هذه الروايات في حقيقة الأمر دعوة من أجل الأخذ بأسباب الحياة الكريمة . ومما روي عن أم سلمة في هذا الباب عن عبد الله بن رافع عن أم سلمة قالت : أشهد إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من أحب عليا ” فقد أحبني . ومن أحبني فقد أحب الله . ومن أبغض عليا ” فقد أبغضني ومن أبغضني فقد أبغض الله (2)
وعن ثابت مولى أبي ذر . قال : كنت مع علي بن أبي طالب يوم الجمل . فلما رأيت عائشة دخلني بعض ما يدخل الناس . فكشف الله عني ذلك عند صلاة الظهر فقاتلت مع أمير المؤمنين . فلما فرغ ذهبت إلى المدينة . فأتيت أم سلمة . فقلت : إني والله ما جئت أسال طعاما ” ولا شرابا ” . ولكني مولى لأبي ذر . فقالت : مرحبا ” .
( 1 ) رواه الإمام أحمد ورواه الحاكم وأقره الذهبي ( الفتح الرباني 338 / 18 )
( 2 ) رواه الطبراني وقال الهيثمى إسناده حسن ( الزوائد 132 / 9 ) ( كنز العمال 622 / 11 ( * ) .
==================================
فقصصت عليها قصتي . فقالت : أين كنت حين طارت القلوب مطائرها ؟ قلت : إلى حيث كشف الله ذلك عني عند زوال الشمس . قالت : أحسنت . سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( علي مع القرآن والقرآن مع علي . لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض ) ( 1 ) .
وروي عن مالك بن جعونه قال : سمعت أم سلمة تقول : علي مع الحق . ومن تبعه فهو على الحق . ومن تركه ترك الحق . عهدا ” معهودا ” قبل يومه هذا ( 2 ) .
وعن أم سلمة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا ” ذات يوم في بيتي . فقال : لا يدخل علي أحد . فإنتظرت . فدخل الحسين . فسمعت نشيج ( 3 ) رسول الله صلى الله عليه وسلم يبكي . فاطلعت فإذا حسين في حجره والنبي صلى الله عليه وسلم يمسح جبينه وهو يبكي . فقلت : والله ما علمت حين دخل ( 4 ) فقال : إن جبريل كان معنا في البيت . قال أفتحبه ؟ قلت : أما من الدنيا فنعم فقال : إن أمتك ستقتل هذا بأرض يقال لها كربلاء ( 5 ) .
وعندما فتحت أبواب الفتن لأخذ الناس بأسبابها . قتل الحسين بن علي عليهما السلام .
وروي عن سلمى قالت : دخلت على أم سلمة وهي تبكي . فقلت : ما يبكيك ؟ قالت : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام . وعلى رأسه ولحيته التراب . فقلت : ما لك يا رسول الله ؟ قال :
( 1 ) رواه الحاكم وأقره الذهبي ( المستدرك 124 / 3 ) والطبراني ( كنز العمال 603 / 11 ) .
( 2 ) رواه الذهبي في ميزان الاعتدال ترجمة مرسى بن قيس ( ميزان الإعتدال 217 / 4 ) . نشيج / أي صوت معه توجع وبكاء . أي إنها تعجبت حين وجدت الحسين . قال الهيثمي رواه الطبراني ورجاله ثقات ( الزوائد 189 / 9 ) ( * ) .
==================================
شهدت قتل الحسين آنفا ” ) ( 1 )
وروى الحاكم عن شهر بن حوشب قال : أتيت أم سلمة أعزيها بقتل الحسين بن علي ( 2 )
وروي أن أم سلمة قالت عندما بلغها قتل الحسين : قد فعلوها ملأ الله قبورهم – أو بيوتهم عليهم نارا ” . ووقعت مغشيا ” عليها ( 3 ) . لقد قدر لأم سلمة رضي الله عنها أن تشهد المقدمات والنتائج . وبين المقدمة وبين النتيجة كانت الحجة بالبلاغ فوق رؤوس المسيرة . ولله في عباده شؤون .
وقال صاحب الإصابة : كانت أم سلمة موصوفة بالعقل البالغ والرأي الصائب . وإشارتها على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية تدل على وفور عقلها وصواب رأيها ( 4 )
وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لأصحابه بعد ما كتب كتاب الصلح يوم الحديبية : أنحروا بدنكم واحلقوا رؤوسكم . فامتنعوا وقالوا : كيف ننحر ونحلق ولم نطف بالبيت ولم نسع بين الصفا والمروة . فإغتم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وشكا ذلك لأم سلمة فقالت : يا رسول الله أنحر أنت وأحلق . فنحر رسول الله صلى الله عليه وسلم وحلق . فنحر القوم ( 5 ) .
ومما يدل على رجاحة عقلها أيضا ” . روي عن عبد الله بن رافع قال : كانت أم سلمة تحدث أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر وهي تمتشط : أيها الناس ، فقالت لماشطتها : لفي رأسي . قالت : فديتك إنما يقول : أيها الناس . قالت أم سلمة : ويحك أو لسنا من الناس . فلفت رأسها وقامت في حجرتها فسمعته يقول : أيها الناس بينما
( 1 ) رواه الحاكم ( المستدرك 19 / 4 ) وابن كثير ( البداية 217 / 8 ) .
( 2 ) رواه الحاكم ( المستدرك 19 / 4 ) .
( 3 ) البداية والنهاية 218 / 8 . ( 4 ) الإصابة 459 / 4 .
( 5 ) تفسير الميزان 268 / 18 ( * ) .
==================================
أنا على الحوض جئ بكم زمرا ” . فتفرقت بكم الطرق ( 1 ) . فناديتكم : ألا هلموا إلي الطريق ( 2 ) . فناداني مناد من بعدي ( 3 ) فقال : إنهم قد بدلوا بعدك ( 4 ) . فقلت : ألا سحقا ” سحقا ” ( 5 ) .
( 1 ) أي / بعضهم سلك الطريق إلى الحوض . وبعضهم ضل عنها إلى طريق آخر غير موصل .
( 2 ) أي / أقبلوا .
( 3 ) من بعدي / أي من ورائي .
( 4 ) أي / أحدثوا في الدين ما ليس منه .
( 5 ) رواه أحمد وأسناده جيد ( الفتح الرباني 197 / 1 ) .